سُلطة الهشاشة
رواية
عيسى حموتي
وجد نفسه يحمل شعارات يعتقد أنها أسس هويته، يرددها دون أن يدرك أنه يعيش على هوامشها، لا يحل له الانخراط فيها سوى من أبواب هشاشتها، التي صممت وفق برنامج محكم يهدف لنخرها، فهو حتى وإن شاء الرفض الذي لم يعرف له يوما معنى يفتقد الحول على ذلك. يعيش على هامش هوية جعلت من سلطة الهشاشة كل دعائمها، تعمل على شدها إلى الماضي بأسباب لا تنقطع عمِّرت دهورا دون أن تهيَ، بل كلما أحس الشيوخ بتهديد نشروا المريدين من أهل الارتزاق يبذلون الغالي والنفيس لرعاية وتعهد قوة الهشاشة وجبروتها حتى لا تفقد مكانتها... يعيش مشردا، لا هو يقوى على الابتعاد عن سياجها ولا هو يستطيع الولوج إليها عبر مسالكها المنحرفة. عاش في وسط فرضت عليه ظروفه الانكماش حول الذات بكل أطياف هشاشتها، والعجز على الانخراط في بلاد العجمة والتأقلم مع الحياة هناك. هذا الوضع المتأزم أحدث في النفس جراحا تزداد عمقا مع الزمان، تعمل على تعميق البون بينه وبين الهوية بأسمالها ألوانها الشاحبة. وكلما رثت الأسمال أكثر وأوشك اللون أن يتعرض نهائيا للتلف، أسرعت الهشاشة المديرة لشؤون الهوية ، إلى إضافة خرقة ترقع بها الثقوب، أو إضافة طبقة من ألوانها فوق طبقة اللون الأصلي ليحدث المزيد من التشوهات على اللون الأصلي دون أن تتلفه. وهكذا تجني الهشاشة على اللونين كلاهما. فلا اللون الأصلي استطاع المحافظة على نصاعته، ولا اللون الدخيل استطاع أن يحل محل الأصلي. فتضحي نفسيته لوحة ملطخة لا يستطيع الناظر إليها إلا استهجانها والنفور منها.
التسميات :
الإصدارات الجديدة