لا يختلف اثنان على أهمية كتابات الرحالة الغربيين كمصدر أساسي لتاريخ شبه الجزيرة العربية بصفة عامة وتاريخ الحجاز بصفة خاصة. بالرغم من قرب هذه المنطقة جغرافيًا من أوروبا إلا أنها ظلت في مجملها مكانًا مجهولاً للأوروبيين حتى مطلع القرن التاسع عشر حين زاد اهتمام المستكشفين والمستشرقين بهذه البقعة لأسبابٍ عديدة منها الفضول وحب المغامرة، أو التنصير، أو التجارة، أو لأسباب علمية بحثية، أو أسباب سياسية وعسكرية (الاستخبارات وتمهيد الطريق أمام الاستعمار).
ويفل هو أول من سافر من الرحالة الأوربيين إلى المدينة المنورة بالقطار، وأفرد فصلاً كاملاً لخط سكك حديد الحجاز، الذي كان له عظيم الأثر في أحداث الثورة العربية.
يندرج هذا الكتاب تحت التصنيف الأخير فكاتبه عسكري المنشأ، بل ويمكن الجزم أن ضابطي المخابرات البريطانية، "لورانس العرب" T. E. Lawrence ( 1888-1935) وجون فيلبي Harry St. John Phillby (1885- 1960)، قد استفادا كثيرًا من كتاب "ويفل" فيما يتعلق بدورهما المعروف في تاريخ الجزيرة العربية.
نميل
إلى الاعتقاد بأن ويفل كان مكلفًا بهذه الرحلة؛ وأنه لم يقم بها اختياريًا خلال
أجازته مثلاً، وأن وزارة الحرب البريطانية هي من وقفت وراءها، لا "الجمعية
الجغرافية الملكية البريطانية" كما هو مُعلن. ومن هنا يستمد هذا الكتاب
أهميته التي لا تنفصل عن أهمية الشرق الأوسط للعالم بأسره. يؤكد هذا الطرح ما ذكره
"دانيال مارتن فاريسكو" في مراجعته للكتاب: "من الصعب عدم النظر
إليه (ويفل) كجاسوس بالرغم من زعمه المستمر بأنه كان ببساطة مفتونًا بالرغبة في
المعرفة."